فن ومشاهير

ريتا حرب تتحدى القدر: “بنتي وقفت قدامي… وما عرفتها”

تخيّل أن ترى ابنتك أمامك ولا تعرف من تكون. لا لأنك فقدت الذاكرة، بل لأن وجهك لم يعد يرى، وصوتك لا يخرج، وأنت محاصر داخل جسدك كأنك شاهد صامت على كل شيء. هذا ليس مشهداً من فيلم درامي، بل جزء من الواقع الذي عاشته الإعلامية والممثلة ريتا حرب، وحكته بصوتٍ مكسور في مقابلة مؤثرة كشفت فيها عن لحظة هشاشة إنسانية لا تغلفها الأضواء.


مش حكاية عملية تجميل… دي معركة بقاء
كثيرون سمعوا أنها خضعت لعملية جراحية في وجهها، فظنوا أنها واحدة من تلك «الرتوش» التي تمر بها نجمات الشاشة. لكن لا، ما مرت به ريتا لم يكن تعديلًا للملامح، بل معركة ضارية لاستعادة صوتها وبصرها وحياتها.

فقدت القدرة على الكلام، وغاب عنها النظر، وعاشت أياماً أشبه بالحجر داخل جسدها. لا زوار، لا تواصل، لا شيء سوى الصمت والعتمة. حتى عندما جاءت ابنتها من السفر، لم تتمكن من التعرف عليها. “ما عرفتها”، قالتها وهي تبكي، وكأن الجملة كُتبت لتكسر القلب.


دموع على الهواء… ليست للدراما هذه المرة
ريتا، المعروفة بابتسامتها الهادئة وحضورها الواثق على الشاشة، لم تكن “الممثلة” هذه المرة، بل كانت الأم، الإنسانة، المرأة التي وجدت نفسها وجهاً لوجه مع احتمال أن لا تفي بوعد الحياة لبناتها. بين شهقات البكاء، قالتها بصدق مؤلم: “يا رب ضلني عايشة، بناتي بعدن بحاجة إلي.”

الجملة دي، رغم بساطتها، تحمل وزن جبال. لأن كل أم، في لحظة ضعف، تفكر أولًا في أطفالها، حتى قبل أن تفكر في نفسها.


درس صغير وسط مأساة كبيرة
لو فكّرنا في الموضوع للحظة، سنكتشف أن ريتا لم تكن تحكي فقط عن مرض. كانت ترسل رسالة لكل واحد فينا، تقول فيها: لا تفترض أن كل شيء دائم. الصوت، النظر، القدرة على احتضان من نحب… كلها نعم قد تُسحب في لحظة.

وفي عالم مهووس بالمظاهر، حيث يُقاس النجاح بعدد “اللايكس” ونضارة البشرة، تأتي قصة مثل قصتها لتوقظنا على حقيقة بسيطة: أهم شيء هو أن تظل موجودًا، حاضرًا، حيًا.


ريتا حرب… بطلة مشهد الحياة الواقعي
لا تحتاج لسيناريو معقّد، ولا لإضاءة درامية. قصتها وحدها تكفي لتكون فيلمًا صادقًا عن الإنسان عندما يُحاصر بالخوف، لكنه يصرّ أن يتمسك بالأمل.

وإذا كانت الحياة قد اختبرتها بقسوة، فهي ردّت عليها بأمل. عادت، تتكلم، ترى، وتبكي… لكنها ما زالت هنا. وهذا وحده، انتصار لا تملكه هوليوود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى