
في عصر بات فيه الفيلتر أهم من الفطور، والبوتوكس أقرب من كوب القهوة، فجّرت بيروت مفاجأة من العيار الطبيعي، ورفعت راية “الجمال كما خلقنا الله”… دون رتوش. نعم، لا مزاح هنا. شابة لبنانية تُتوّج بلقب “ملكة الجمال الطبيعي”، من دون مكياج، لا بودرة، لا كونسيلر، ولا حتى أحمر شفاه خجول.
الشابة جوي طوق خطفت اللقب في مسابقة قد يعتبرها البعض تمردًا على موضة “النفخ والشدّ”، وصرخة في وجه الحُقَن المتنقلة في وجوه النجمات. الحدث من تنظيم شركة “غولدن إنترناشيونال”، بقيادة الإعلامي زكريا فحام، وجرت فعالياته في قلب بيروت بتاريخ 15 نيسان، وسط حماس جماهيري لا يقل عن حماس نهائي كأس العالم، وإن كان أكثر هدوءًا وأقلّ عرقًا.
-
حورية فرغلي… هل تعود “روح” لتشعل النار من جديد؟منذ أسبوع واحد
من 18 متسابقة… إلى تتويج جوي “بلا مساحيق”
شارك في المسابقة 18 شابة من مختلف أنحاء لبنان، وكل واحدة منهن دخلت المسرح مثلما تدخل المطبخ فجأة بعد الاستحمام: بدون أي مستحضرات، واثقة، واضحة الملامح. كان الرهان على الشخصية، والراحة مع النفس، وعلى الكاريزما التي لا تشتريها من أي متجر تجميل.
من بين هؤلاء، سطع نجم جوي، ليس فقط بملامحها النقية، بل بثقتها الهادئة، وابتسامتها التي لم يُضبط خلفها أي “فلتر سناب شات”. حصدت اللقب، لتصبح ثاني لبنانية تفوز بهذا التحدي بعد جيسيكا قيس التي حملت التاج العام الماضي، لتتأكد لنا المؤامرة: نعم، الجمال الطبيعي ما زال موجودًا، وقد ينجو!
التاج ليس وحده البطل… الوصيفات أيضًا حاضرات!
وإذا كنت تظن أن الحفل اقتصر على الفائزة فقط، فأنت لا تعرف قواعد مسابقات الجمال. هناك وصيفات، وهنّ كثيرات، ولكل واحدة منهن لقب وحكاية. فجاءت رهف أحمد وصيفة خامسة (يعني ما في خطر عالتاج، بس برضو منصة)، ووجدان حلاق وصيفة رابعة، لين ترشيشي الثالثة، وميرنا أبو ضرغام نالت لقب الوصيفة الثانية، وأما الوصيفة الأولى فكانت رابيكا يزبك.
كل هؤلاء تقدّمن بثقة على المسرح، وتنافسن في الأجوبة والتصرفات، لأن الحكم لم يكن فقط على “وشّك الطبيعي” بل على حضورك، فكرك، وحتى طريقة ردّك على سؤال مفاجئ مثل: “ما رأيك بمستقبل الجمال الطبيعي؟” (ولا تقولوا إن الأسئلة سهلة… حتى جوجل ما يقدر يجاوب بدون توتر).
الفقرة الفنية؟ بين الكمان والراب اللبناني
طبعًا، لن تكتمل الليلة دون لمسة موسيقية. قدّمت عازفة الكمان جويل سعادة فقرتها الساحرة التي أضافت لمسة كلاسيكية ناعمة على الجو الطبيعي، فيما أشعل الفنان نقولا الأسطا المسرح بأغنيته الجديدة باللهجة المصرية “عديت للمية”، لأننا لا نكتفي بالطبيعي فقط، نريد التنوع أيضًا!
كما شارك في الحفل الفنانان إيوان وأيمن أمين، لتكتمل الخلطة الغنائية، بينما أطلّ مدرب الصوت طوني بايع ليقدم أغنية لدعم المدمنين في رحلة التعافي، وهي لمسة إنسانية خففت من أضواء الفلاشات وأعادتنا إلى جوهر الجمال الحقيقي: الوعي والرحمة.
المسابقة التي كسرت الكليشيه
اللافت أن هذه المسابقة لا تحتفل بالجمال “الجاهز”، بل تُكرّم الشجاعة على مواجهة الكاميرا بـ”النسخة الأصلية”. في زمن يُعاد فيه تشكيل الأنف في دقائق، وتُرفع الوجنتان بأبر سريعة، تأتي هذه المسابقة كصفعة ناعمة تقول: “أنتِ جميلة كما أنتِ… بلا فوتوشوب”.
فهل ستنتشر العدوى إلى باقي بلدان الشرق الأوسط؟ وهل نرى قريبًا مسابقات “ملك الجمال الطبيعي” للرجال؟ تخيّل الأمر: حفل من دون جِلّ شعر أو بروتين لحية. فقط وجوه صادقة… ومعها شوية توتر طبيعي.
في النهاية، جوي طوق لم تفز بلقب فقط، بل ذكّرتنا أن الجمال مش دايمًا في التفاصيل المصطنعة… أحيانًا، يكون في البساطة الصادقة، والثقة اللي ما بتحتاج فلتر.