
في زمن صار فيه التلفزيون مرآةً كبيرة لحياتنا… أو بالأحرى عدسة مكبّرة لكل التفاصيل، يطل علينا برنامج “قسمة ونصيب” بموسم جديد، محمّلًا بالدراما، والضحك، وشيء من الرومانسية الجاهزة. لكن الجديد هذه المرة؟ اسم عائلي مألوف جدًا دخل الحلبة: ميشيل، ابنة الإعلامية والممثلة اللبنانية ريتا حرب.
-
حلا شيحة… حين ترتدي الحجاب وتخلع الدنيامنذ أسبوع واحد
نعم، ريتا — تلك التي اعتدنا أن نراها تضبط إيقاع الحوار على الشاشة، أو تحرّك ملامحها برشاقة على خشبة التمثيل — أصبحت الآن في موقع جديد تمامًا: أمّ تراقب ابنتها وهي تخوض تجربة إعلامية رومانسية من العيار الثقيل. تجربة عنوانها: “الحب أمام الكاميرات”، وتفاصيلها؟ قلوب مفتوحة… وأعين ملايين المشاهدين تتفرّس في كل نظرة، وتفسّر كل تنهيدة.
ريتا، وبكل وضوح ودفء، اختارت أن تُعلن الحدث بطريقتها الخاصة. لا خطابات رسمية، ولا تحذيرات استباقية، فقط صورة لابنتها ميشا، مع تعليق بسيط لكنه مشحون بالمعنى: “لحظات قبل دخول بنتي ميشا إلى جزيرة الحب”. وكأنها تقول لنا — بين السطور — إن هذه ليست مجرّد مشاركة في برنامج، بل لحظة عبور من مرحلة إلى أخرى… من الطفولة إلى الاختيار، من ظل الأم إلى الأضواء الساطعة.
بعض المعلقين قد يُسارعون لإطلاق الأحكام: “كيف تسمح لها؟”، “أين الخصوصية؟”، “وهل هذا برنامج للبحث عن الحب أم استعراض للمشاعر؟”. لكن لنتوقف لحظة ونتأمل: أليست هذه المساحة — بكل ما فيها من فوضى وبهجة — جزءًا من عالمنا الجديد؟ عالم يختلط فيه الواقع بالترفيه، والخيارات الفردية تُعرض أمام جمهور ينتظر اللقطة التالية أكثر من انتظار قرارات الحكومات؟
ريتا حرب، التي عرفناها قوية بعد الحادث الصعب الذي تعرّضت له قبل سنوات، اختارت أن تكون أمًا متفهّمة لا رقيبًا متسلطًا. لم تمنع ابنتها من خوض التجربة، بل دعمتها، وربما كانت تقول بين السطور: “سأكون هنا مهما حصل… أمام الشاشة وخلف الكواليس”.
أما ميشا نفسها، فهي اليوم تقف على أبواب “الشهرة السريعة” التي قد تكون فرصة أو اختبارًا، وقد تتحوّل إلى قفزة نوعية أو عثرة أولى. ولكن من يدري؟ ربما نراها قريبًا في برامج أخرى، أو على غلاف المجلات، تتحدث عن “تجربتها في جزيرة الحب” وكأنها خاضت معركة مشاعر وسط عاصفة من التصويت والتصفيق.
في النهاية، المشاركة في برنامج تلفزيوني، سواء كان جدليًا أم عاطفيًا، لم تعد قرارًا خفيفًا. إنها مغامرة كاملة، تبدأ بخطوة وتكبر بحسابات الجمهور، والتفاعل، وحتى العناوين التي تُكتب في الصحف ومواقع التواصل.
والسؤال الحقيقي هنا ليس “لماذا دخلت ميشا البرنامج؟”، بل: هل نحن، كمجتمع، مستعدون أن نتعامل مع اختيارات الجيل الجديد دون أن نصب عليهم لعناتنا المعتادة؟ هل نسمح لهم بخوض تجاربهم، أم نُبقيهم في قوقعة “الصح والغلط” حسب وجهات نظرنا؟
ريتا، على ما يبدو، اتخذت موقفًا نادرًا بين الأمهات: الوقوف على الحياد، مع مسحة فخر، وكأنها تقول لابنتها: “اذهبي… لكن اعرفي دائمًا من أين أتيتِ”.